إصدار كتاب جديد: حول الآلهة والكون (ترجمة وشروحات)

يمكن تحميل الكتاب بالضغط على الصورة أعلاه أو بالضغط على هذا الرابط: حول الآلهة والكون PDF

هذه المخطوطة التي ستطلّع عليها عمرها 1650 عام تقريباً، وهي من الكتابات النادرة التي وصلتنا كاملة من دون تشويه أو إضافة من مدرسة الأسرار في الفلسفة الأفلاطونية القديمة.

“الآلهة والكون” هي مجرّد باب وليست أطروحة روحية-فكرية متكاملة؛ هي مقدّمة لفهم الأساسات الروحية للوثنية والحكمة القديمة، لكنّها تحمل بين كلماتها القليلة الكثير من المفاهيم المتقدّمة التي يحتاج الباحث الروحي إلى سنوات من الممارسة والتأمل لاستيعابها وتفكيكها.

هذا الكتاب هو رفيق جيد لمن يخوض رحلة بحث روحي حيث أنه قد يجيب عن بعض التساؤلات حول الكون والوجود، وهو أيضاً مصدر جيّد للمعلومات الأصليّة لمن يهتم بالفلسفات والأديان القديمة ولو لم يكن باحثاً روحياً.

في هذه المخطوطة، يحاول الكاتب أن يشرح بعض التساؤلات التي يمكن أن تتبادر إلى ذهن المريد بشكل يتكامل مع سعيه الروحي العمليّ بمساعدة معلّميه في مدرسة الأسرار، ويفترض بالتالي أن التلميذ هو بصدد الدراسة والتبحّر الروحي، لكن بما أنّ القارىء المعاصر لن يصادف هذا الكتاب خلال تدريب روحي من هذا النوع، قمنا بإضافة مقدّمة وشروحات عن حقائق الأسرار لكي نساعد القارىء على الإحاطة بالمقصود بشكل أكبر، ولكي يمكن لهذه المخطوطة أن تحقّق الغاية المرجوّة منها.

كاتب المخطوطة، ساتورنينيوس سيكوندوس سالوستيوس (سالوست) هو مفكّر وثني ومسؤول روماني عاش في القرن الميلادي الرابع، وهو من تلامذة المدرسة الأفلاطونية المحدّثة التي يشكّل الفيلسوف السوري يمبليخوس المعلّم الرئيسي والأكثر شهرة فيها.

المدرسة النيو-أفلاطونية هي ممّا يسمّى “مدارس الأسرار” القديمة، وهي مدارس فلسفية ومجموعات صوفية روحية غامضة، زعمت معرفتها بألغاز الوجود وأبقت تعاليمها وممارساتها سرّاً عمّن ليسوا أعضاءً فيها.

المشترك بين هذه المدارس أنها لم تنقل تعاليمها الرئيسية إلا شفهياً، ما يعني أن ما وصلنا منها ليس سوى شذرات قليلة. من هنا تأتي أهمية هذه المخطوطة التي تتحدّث عن بعض الطروحات الثيولوجية المهمّة في مدارس الأسرار بشكل مباشر.

رغم ذلك، لا يجب على القارىء أن يفترض أن هذا الكتاب يشرح تلك العقيدة بالكامل، فكما هي الحالة مع كل أثر مكتوب في مدارس الأسرار، لا يشكّل النصّ سوى إشارة ظاهرة لفكّ رموز الباطن.

الرحلة التي قامت بها هذه المخطوطة لكي تصل إلى يديك الآن كانت طويلة جداً، بدأت باللغة اليونانية من مدارس الأسرار في أثينا والاسكندرية، ثم قامت برحلة صعبة إلى حرّان حيث انتقلت من أيادي آخر الوثنيين الباطنيين إلى الرهبان المسيحيين ثم العلماء المسلمين في بغداد حيث عُرفت المخطوطة باللغات السريانية والعربية، قبل أن تعود لإنطاكية ومنها لأوروبا لتُترجم إلى اللاتينية في عصور النهضة، ثم الإنكليزية بعد ذلك بعدّة قرون، وتعود الآن للغة العربية بعد أن ضاعت عنها لقرون طويلة.

اعتمدنا في هذه الترجمة على النسخة المراجعة لترجمة المؤرّخ الإنكليزي جيلبرت موراي والتي تحقّق منها ناطقون باللغتان اللاتينية واليونانية، والتي تم نشرها على مدوّنة إنكليزية على هذا الرابط.

ترجمة هذا الكتاب لم تكن مهمّة سهلة لكنها كانت ضرورية، ولقد أرفقناها ببعض الشروحات من دون أن نحوّل الكتاب إلى أطروحة.

القيام بهذه الترجمة لم يكن أمراً مخططاً له وهو من المهمّات التي بدت في بعض اللحظات أكبر من إرادتنا الفردية، لكنني أعلم أن السلسلة الطويلة من معلّمي الأسرار وبينهم يمبليخوس، يهزّون رأسهم الآن في مكانهم، ويبتسمون ابتسامتهم المعهودة لتلامذتهم حين يجتهدون لفهم أسرار الوجود.

نحو فهم أعمق للتأمل: معرفة الذات، اختبار الوجود، وتحقيق التنوّر الروحي

*

طوني صغبيني

*

حين أخبرت عائلتي أنني سأغيب لـ12 يوماً في انعزال تام من دون أي تواصل مع العالم الخارجي في مركز خاص للتأمل، الأرجح أنهم اعتقدوا أنني فقدت صوابي، مجدداً. الحقيقة هي أنني لم أصبح مجنوناً (ليس بعد على الأقل)، لكنني ككلّ باحث روحي في التاريخ، احتاج لهذا النوع من العزلة لأقضيه في تأمل الوجود وفي اختبار تجارب معيّنة من التجلّي الروحي التي لا يمكن أن نعيشها بسهولة في حياتنا اليومية المزدحمة.

طبعاً كنت ولا أزال أمرّ حالياً بفترة مفصلية في حياتي، وفيما تخبرنا الثقافة السائدة أن ما يجب فعله في هذه الحالة هو دفن الذات في التذمّر المستمرّ والإلهاءات والتفكير المنهك، كنت أعلم أن أفضل طريقة للحصول على الوضوح هي أن أكون مع نفسي أحادث قلب هذا الوجود.

حياتنا العصرية تتسم بالتوتّر والاستعجال والتعب من الصباح حتى المساء ورغم ذلك، نعتبر أن العزلة والتأمل أفكاراً غريبة لدرجة أننا نشكّ بالسلامة العقلية والنفسية لمن يقوم بهما. الجنون برأيي هو الاستمرار بهذا الأسلوب القاتل في العيش من دون أخذ استراحات حقيقية لاستعادة الطاقة للروح ولإعادة التوازن للذهن والراحة للجسد. هكذا وجدت نفسي أدخل في عزلة جزئية في 20 دسمبر الماضي، ثم عزلة تامة عن العالم بين 1 و12 يناير، فما الذي تعلّمته منها؟

*

الراهب عند ضفاف البحيرة

لا كلام مع أحد، لا حاسوب أو هاتف أو انترنت أو تلفاز، لا دفتر أو قلم لتسجيل الملاحظات أو موسيقى أو كتاب لتمضية الوقت، لا يمكن ممارسة الرياضة، لا يمكن الخروج من المركز لأي سبب، لا طعام بعد الساعة الحادية عشر ظهراً، وعليك أن تجلس للتأمل لـ12 ساعة في اليوم.

هذه هي قواعد دورة تأمل الفيباسانا التي شاركت بها في مركز خاص على ضفاف بحيرة بيغناس في مرتفعات النيبال. لشهر تقريباً، عشت حياة راهب عند ضفاف تلك البحيرة. كنت افتح عيناي كل يوم على هذا المنظر: Read the rest of this entry

حوار مع الباحث والمترجم البوذي أرجونا برانيدهي أديانا

*

خضنا الحوار التالي مع أرجونا برانيدهي أديانا، وهو راهب بوذي سابق ودارس ومترجم للنصوص البوذية إلى اللغة العربية، وسألناه عن تجربته خلال فترة الرهبنة ونصائحه لمن هم بصدد خوض غمار رحلة جديدة في التأمل والبحث الروحي.

أرجونا يتوافر على صفحة المجموعة البوذية العربية على فيسبوك حيث يمكنكم التواصل معه والتعلّم عن البوذية ونقاش طروحاتها مع آخرين من مختلف أنحاء العالم العربي، ويمكنكم التواصل معه مباشرة على حسابه على هذا الرابط.

إن كنتم تودّون التعرّف أكثر عن البوذية باللغة العربية، نشارك في نهاية المقابلة روابط بعض المواقع والكتب المجانية.

*

  • هل يمكنك أن تخبرنا قليلاً عن نفسك وهل يمكنك أن تشاركنا عن رحلة الرهبنة التي خضتها؟

Read the rest of this entry

الدروس التي تعلمتها من التأمل والصمت

*

هاني نعيم

*

مؤخراً، شاركت بدورة بعنوان “مقدمة إلى البوذية” في مركز بوذي تيبيتي (توشيتا) في قرية نائية في منطقة درامسالا في ولاية هيماشيل براديش في شمال شرق الهند.

هذه الدورة كانت لمدة عشرة أيام تضمنت محاضرات حول البوذية ألقاها راهب بوذي من أصل استرالي، إضافة إلى جلسات تأمل طويلة. أثناء الدورة، الصمت كان محور كل شيء، إذ أنّ من شروط الدورة عدم التكلم أبداً والتزام الصمت طيلة الوقت، وطبعاً عدم التحدث مع الآخرين. كان يمكننا الحديث، في أول سبعة أيام، لمدة ساعة واحدة خلال جلسة النقاش. غير ذلك، لا شيء سوى الصمت. كنا 113 شخص من مناطق مختلفة من العالم. هي تجربة غنيّة ومختلفة عن كل ما عشته في حياتي. هي تعتبر النسخة المخففة من دورات “الفيباسانا” التي تعتبر شروطها أقسى.

هنا، أشارك بعض مما تعلمته من تلك الدورة. Read the rest of this entry

العدد 6: التأمل والصمت والبحث الروحي عن الأجوبة

التأمل والصمت والبحث الروحي عن الأجوبة

اسكندرية-415، العدد السادس

*

مقدّمة العدد

*

الصمت، الانعزال، والتأمل، هي كلها ممارسات روحية قديمة بقدم الإنسان، ولعلّها الممارسة الجوهرية المشتركة بين كل من خاض مسيرة بحث روحي في حياته، لكن رغم بساطتها الشديدة كممارسة، إلا أن الحديث عنها ليس بالأمر السهل.

فيما كنّا نحضّر مواد هذا العدد اجتاح فيروس كورونا (COVID-19) العالم وأغلق المطارات وأقفل الأعمال وحجر الناس في منازلهم رغماً عنهم. هدأت الشوارع واختفى الضجيج ودخلت حضارتنا فترة غير مسبوقة من الانعزال الفردي في أماكن السكن.

 بالنسبة للبعض، كانت فترة من الراحة والتأمل وإعادة التواصل مع الذات ومع الأشخاص القريبين منا، وبالنسبة للآخرين، كانت كابوساً ينتظرون نهايته بفارغ الصبر. في الحالتان، الحديث عن الانعزال والصمت والتأمل أصبح أكثر صعوبة من أي وقت مضى، لأنه إضافة إلى الصعوبة المادية بممارسة هذه الأمور في عالم كثير الانشغالات والمتطلّبات، أصبح الانعزال في أذهان الناس مرتبطاً الآن بفترة فريدة في حياتهم وسيترافق كل حديث عنه مع انفعالات عاطفية جديدة.

التحدّي الأساسي حين نتحدّث عن هذه الممارسات هو شرح الفارق بين القيام بها كجزء من مسيرة البحث الروحي، والقيام بها لضرورات حياتية أخرى. من الخارج ليس هنالك من فارق بين انعزال وآخر وقد يكون من الصعب التمييز للناظر من الخارج بين شخص يجلس بصمت على الكنبة بانتظار برنامجه المفضّل على التلفاز وآخر يجلس بصمت في تأمل روحي عميق. أما من الداخل، فالفارق شاسع والرحلة التي تقوم بها الذات في تأمل ذهني ونفسي وروحي يهدف للتوصل إلى الحقيقة، هي مختلفة جداً عن الثرثرة الذهنية العادية التي نعيشها في  الصمت الذي يفرض علينا عشوائياً خلال يومياتنا.

خلال الفترة الماضية اكتشف عدد كبير من الناس القدرة العجيبة للانعزال والصمت على شفاء الذات وعلى إعادة التوزان للذهن والنفس، ولعلّها دفعت البعض أيضاً لحافة الجنون – لكن حتى هذه الحالة الأخيرة التي قد يعتقدها البعض تجربة سيئة ليست سوى تعبير عن صرخة من الذات لشفاء بعض التراكمات الكبيرة. لهذا السبب أردنا هذه المرّة أن نتحدّث عن هذا الأمر لكن ليس من جانب الإرشاد والوعظ، بل ببساطة من جانب مشاركة التجارب ولكي نظهر أن الكنوز الروحية التي تنتظرنا على الجانب الآخر من الصمت تستحقّ كل هذا العناء.

هذا العدد لا يهدف لإقناع القارىء بالذهاب إلى كهف في الجبل والانعزال بالتأمل فيه، بالعكس تماماً: أي مسار روحي حقيقي هو المسار الذي يختاره الشخص بإرادته، وسيكون على القرّاء اكتشاف مساراتهم بأنفسهم.

ما يمكن لهذا العدد تقديمه هو “زوّادة”، كما نقول باللهجة العامية في المشرق، وهي القليل من الطعام الذي يرافق المسافر في رحلته، وهكذا نأمل لهذه المواد أن تحمل القليل من المعرفة المفيدة التي يمكن أن تغذّي الشخص وتعينه قليلاً فيما هو يمشي على مساره الروحي الخاص.

التجارب التي نشاركها هنا هي تجارب مختلفة في الانعزال والتأمل والرهبنة ويأتي جزء كبير منها من الفلسفات الدارمية وبعض المدارس الأوروبية الحديثة في التأمل.

هذه التجارب هي خلاصات سنوات وتجارب مطوّلة من التأمل والدراسة والبحث الروحي ونأمل أن تكون زاداً ومصباحاً صغيراً يساعد الآخرين في رحلاتهم المختلفة.

سننشر مقال جديد لهذا العدد أسبوعياً ونضع رابطه هنا على هذه الصفحة.

الخرافة الأولى أم مغامرة الروح الأولى؟ نقاش حول التناقض بين الروحانية والعلم

 *

طوني صغبيني

*

هل هنالك تناقض بين الروحانية والعلم؟ اعتقد أن معظم الملحدين سيجيبون على هذا السؤال بنعم، وسيقولون أنه بالتأكيد هنالك تناقض بين العلم وكافة الأفكار والممارسات الروحية!

سأناقش في هذا المقال أنني لا اتفق مع هذا الجواب، بل اعتقد أن السؤال نفسه غير منطقي لأنه يشبه السؤال حول ما إذا كان هنالك من تناقض بين التفاح والبرتقال. العلم والروحانية هما أمران مختلفان، وينطلقان من أسئلة مختلفة حول العالم ويصلان إلى أجوبة مختلفة، تتفق أو تختلف بينهما، لكن كلاهما حاجاتنا أساسيتان لحياتنا العصرية – وهذا ما أريد أن اتحدّث عنه هنا.

قد يبدو ما أقوله هنا محيّراً للملحدين والمؤمنين على السواء، وخصوصاً لنا في العالم العربي حيث كل شيء قائم على الثنائيات المتعارضة بالمطلق، فكيف أقول إذاً أن أمران مختلفان عن بعضهما تمام الاختلاف مثل العلم والروحانية يمكن أن يتكاملا، من دون أن أقع في فخ سوء فهم كلاهما في آن معاً؟ فلنناقش ذلك قليلاً.

*

ما هي الروحانية؟

علينا أن نقوم أولاً بتفكيك معنى الروحانية لأن الطريقة التي نعرّف بها هذه الكلمة فيها الكثير من الشوائب.

التعريف الشائع للروحانية هو أنها الإيمان بالماورئيات التي لا يوجد عليها دليل علمي أو إثبات عقلي قاطع، كالروح والحياة بعد الموت وخلق الله للكون والكتب المقدسة والأنبياء والآلهة. المشكلة الأولى في هذا التعريف هي أنه يتمحور إلى حد كبير حول معتقدات الأديان الإبراهيمية. هنالك العديد من الأديان في العالم التي لا تؤمن بالجنة والنار، ليس لديها أسطورة خلق محدّدة، ولا تؤمن بكتب مقدّسة أو أنبياء أو آلهة، فهل عدم إيمانها بهذه الأشياء يعني أنها ليست أديان روحية؟

فلنأخذ البوذية كمثال لاختبار ذاك التعريف. Read the rest of this entry

المشكلة مع الإلحاد – سام هاريس (محاضرة مُترجمة)*

بالنظر لغياب الأدلة على وجود الله والغباء والمعاناة التي لا تزال تنتشر بكثرة تحت عباءة الدين، إعلان الشخص لنفسه على أنه “ملحد” اليوم يبدو كأنه الرد المناسب الوحيد. وهذا هو الموقف الذي اتخذه العديدون منّا بفخر وعلانية. الليلة، أريد أن أدافع عن فكرة أن استخدامنا لهذا التصنيف هو غلطة – وغلطة لها بعض العواقب.

 *

المشكلة الاستراتيجية

هاجسي حول استخدام تعبير “الإلحاد”، هو هاجس فلسفي واستراتيجي في الوقت نفسه. أنا اتكلم من موقع غير عادي وربما متناقض، لأنني الآن أمثل أحد الأصوات العامة للإلحاد رغم أنني لم أصنف نفسي كملحد قبل أن أُدعى للحديث باسمه. لم استخدم هذا التعبير حتى في كتاب “نهاية الإيمان”، الذي يبقى أهم نقد لي للدين. وكما ناقشت في كتاب “رسالة إلى أمة مسيحية”، أعتقد أن “ملحد” هو صفة لا نحتاجها، بالطريقة نفسها التي لا نحتاج لنطلق صفة على من يرفض علم التنجيم. نحن لا نطلق ببساطة تعبير “اللا-منجّمون” على الناس. كل ما نحتاجه هو كلمات مثل “عقلانية” و”دليل” و”منطق” و”هراء” لكي نظهر خرافة المنجّمين، ويمكن القيام بالأمر نفسه مع الدين.

Image result for ‫نهاية الإيمان سام هاريس‬‎

 وضع تصنيف على أي شيء يحمل معه معوقات حقيقية، وخاصة إن كان الشيء الذي تصنّفه ليس شيئاً محدداً على الإطلاق. والإلحاد، برأيي، ليس شيئاً محدداً. إنه ليس فلسفة، تماماً كما أن “مناهضة العنصرية” ليست فلسفة. الإلحاد ليست نظرة كونية للحياة، لكن رغم ذلك يعتقد معظم الناس ذلك ويهاجموه على هذا الأساس. نحن الذين لا نؤمن بالله نتعاون في تغذية سوء الفهم هذا عبر قبول هذا التصنيف واعتماده بأنفسنا.

مشكلة أخرى هي أن القبول بتصنيف، وخصوصاً تصنيف “الملحد”، يبدو لي أننا نقبل بأن يرانا الناس على أننا مجرد تيار ثقافي آخر. نحن نقبل برؤيتنا كمجرّد مجموعة أخرى لها مصالحها الخاصة وتلتقي في المؤتمرات والفنادق. كموقف فلسفي وكموقف استراتيجي، لقد مشينا إلى فخ، وهذا الفخ تم نصبه لنا عمداً في العديد من الأحيان، وقفزنا إليه بكل ما فينا من حماسة.

Read the rest of this entry

ما وراء الدين والإلحاد

(c) National Trust, Nostell Priory; Supplied by The Public Catalogue Foundation

*

 هاني نعيم

*

كثيراً ما يُطرح عليّ سؤال ما إذا كنت ملحداً. جوابي يكون دائماً: “بالطبع لا أؤمن بالله وبأديانه ولكني لست ملحداً”. كثيرون لا يعرفون تحديداً قصدي من ذلك، وبعدها أقوم بشرح فكرتي من وراء ذلك.

لم أؤمن بالله يوماً. عندما كنت في العاشرة من عمري حاولت أن أؤمن به، ولكني لم أستطع. لاحقاً، بدأت أقترب من المعتقدات الروحانية القديمة، والتي تعتبر على أنها أديان وثنية.

عام 2004، بدأت اقترب من التيار الإلحادي أكثر، ومع مرور السنوات اعتنقت الإلحاد، حتى أن كثيرين اعتبروني بأني ملحد متطرف، وقد كنت ذلك بالفعل. قراءاتي حينها تركزت على الفلسفة الالحادية كما كتبت في منتديات كثيرة دفاعاً عن الإلحاد وفي مواقع لادينية، وعملت مع أحد الاصدقاء على خلق مساحة لادينية وملحدة للمدونين في العالم العربي. خضت وأصدقاء أحاديث مطوّلة مع مؤمنين، ومنهم من ترك إيمانه واعتنق الإلحاد. وهذا كان من الأشياء الجميلة.

كنت ملحداً، وفي الوقت عينه كنت دائماً ما اعتبر بأن هناك في هذا العالم ما هو وراء الدين وما بعد الإلحاد.

*

الإلحاد كضرورة فكرية

في مجتمعات مثل مجتمعاتنا العربية المتديّنة والمحافظة، يعتبر الإلحاد ضرورة فكرية للذين يريدون الخروج عن سيطرة السلطات الدينية والسياسية، والباحثين عن طريق خارج الأديان، الإسلام والمسيحية واليهودية، التي تمتلك أجوبة معلّبة ومسبقة عن كل شيء تقريباً.

الإلحاد يقدّم للشبان والشابات الأدوات الفكرية لتفكيك الرؤية الدينية، ويمنح طريقة تفكير نقدية تجعلهم قادرين على تجاوز الدين والشريعة. ويؤمّن الإلحاد مقاربة علميّة وتحليلية في فهم ظاهرة الدين والسياق التاريخي والثقافي والنفسي الذي خرجت منه. الكثير من المفكرين، الفلاسفة، العلماء والكوميديين يقدمون مواد مهمة وأدوات تساعد على تفكيك المنطق الديني.

المنظمات الدينية في المجتمعات الممتدة ما بين المحيط والخليج لا تحب فكرة انتشار الإلحاد بين الفئات الشبابية، خصوصاً في فترة ما بعد الانتفاضات العربية التي بدأت عام 2011 وهذا يدل على أن الإلحاد يشكل خطراً حقيقياً على سلطاتهم.

مذاهب السنة والشيعة يكرهون بعضهم بعضاً لأسباب سلطوية – تاريخية والقتال بينهم اشتد في العقد الأخير، ولكنهم دائماً ما يلتقون لمحاربة الإلحاد وانتشاره. هكذا، نرى قادة دينيين وسياسيين من السنة والشيعة يدعون أحياناً لوقف القتال فيما بينهم للتفرغ للحد من انتشار الإلحاد، ولكن لذلك مفاعيل عكسية أحياناً، إذ أن تضييق الخناق على الناس سيدفعهم أكثر للبحث عن تيارات فكرية خارج الدين.

*

ما بعد الإلحاد

كما ذكرت سابقاً، الإلحاد هو حاجة فكرية في مجتمعات ينتشر فيها التطرف الديني، ولكن هل الإلحاد كاف؟

المنطق الديني يتعامل مع الوجود على مبدأ ثنائية الله والشيطان، الإيمان والكفر، الخير والشر، الجنة والنار. هكذا يحدّ الدين من خوض الحياة ويضعها في اظار ضيّق لا أفق له.

خلال القرون الطويلة من مواجهة الإلحاد للدين، بدأ الإلحاد يحمل صفات عدوّه، ويرى الوجود على مبدأ الثنائية ما بين الإيمان والإلحاد، العلم والدين، المادة والروح. هذه الثنائية حدّت من قدرة التيار الإلحادي، بكل تشعباته، على الإجابة على جوانب مختلفة من الحياة. هكذا، علق الإلحاد في غرفة مغلقة مع الدين. لا أحد منهما قادر على الخروج منتصراً من الغرفة.

الحياة هي اللانهائية في الإحتمالات. لخوض تلك الإحتمالات، الغوص في الأبعاد المختلفة لهذا الوجود، ودخول عوالمه اللامتناهية، يجب تجاوز الثنائية التي تجعل الحياة تبدو صورة كاريكاتورية باهتة وجافّة. رؤية العالم على أنه ثنائيات مفصولة عن بعضها يعني البقاء في بُعُد واحد للحياة. الصراعات التي تحركنا لنرتقي بالوعي هي صراعات تحدث ما وراء الثنائيات وهو ما يلخص كتابات الفيلسوف والمعلم نيتشه الذي تركزت فلسفته على تجاوز الخير والشر، وتجاوز الإنسان لنفسه نحو “الإنسان الأعلى” (ubermensch).

الإلحاد يقدم لنا الأدوات اللازمة للخروج إلى أفق فكري جديد، ولكن في مرحلة ما، يصبح الإلحاد حالة فكرية يجب تجاوزها أيضاً لاكتشاف الأبعاد الأخرى لهذا الوجود، الأبعاد التي لا يمكن للإلحاد رؤيتها ام التعامل معها.

اختم بقول لنيتشه على لسان النبي زرادشت “إنني لن أؤمن إلا بإله يكون قادراً على الرقص”.

* * *

يمكن العودة إلى فهرس العدد الخامس وقراءة كافة مقالات العدد على الرابط التالي: ما بعد الإلحاد: نقاش يتجاوز ثنائيات التناقض

وماذا بعد الإلحاد؟ مناقشة في جذور الإلحاد ومستقبله

*

طوني صغبيني

*

لكي نفهم الإلحاد ونجاحه الجزئي في التخلّص من سطوة الدين على الحياة، علينا أن نفهم أولاً جذوره. غالباً ما يتم التعاطي مع موضوع رفض الإيمان بالآلهة على أنه ظاهرة حديثة نشأت في القرن التاسع عشر في كنف صروح الفلسفة والعلم في الغرب الأوروبي، لكن ذلك نصف الحقيقة فقط. للمفارقة، أكثر الحركات الإلحادية تشدداً في التاريخ كانت الأديان السائدة حالياً. فلنناقش ذلك قليلاً.

 *

الأديان الإبراهيمية كأوّل حركة إلحادية في التاريخ

تاريخياً، عدم الإيمان بإله معيّن لم يكن تابو مرفوض اجتماعياً، والسبب بسيط: كان هنالك مئات وحتى آلاف الآلهة التي يعرف عنها الناس وكان من المستحيل عبادتها والإيمان بها جميعاً.

اليونان القديمة مثلاً، تشكّلت في نقطة معيّنة من التاريخ من 1200 مدينة-دولة، كلّ منها لها تقاليدها وآلهتها المحلية الخاصة. المشهد كان مشابهاً في بقية أنحاء العالم ومنها الجزيرة العربية التي كانت مدينة مكّة فيها مركزاً مهماً للعبادة تضم مئات التماثيل لآلهة مختلفة. المثل العربي القديم كان يقول “حين تدخل قرية، أقسم بآلهتها”، وهذا يعكس إلى حدّ كبير ذهنية التسامح والتقبّل الديني التي كانت موجودة في ذلك الوقت.

هذا التنوّع الديني الهائل أعطى حرية كبيرة للإيمان الشخصي، ولم يكن مطلوباً أو متوقعاً من أحد أن يؤمن بكل شيء يراه أمامه. النقاشات الفلسفية والدينية في ذلك الوقت كانت تتناول طبيعة الآلهة كسؤال فكري وعلمي، وبعض المدارس الفلسفية كانت تعبّر صراحة أنها لا تؤمن بالآلهة أو بتأثيرها على الكون والبشر.

كان من الطبيعي مثلاً أن نرى فيلسوفاً  كأناكسيماندر يحاول في القرن السادس قبل الميلاد وضع نظرية علمية لوجود الكون ويحاجج بأن الظواهر الطبيعية كالبرق والزلازل لها أسباب فيزيائية طبيعية وليست من أعمال الآلهة، فيما كانت مدارس فلسفية مثل الأبيقورية ترفض فكرة القدر وتصرّ على أن الآلهة لا تؤثر على حياة البشر. حتى المدارس الدينية القديمة كانت منخرطة في هذه الأسئلة أيضاً، واستمر هذا التقليد في صفوف الديانات الوثنية حتى العصر الحالي حيث لا يزال من الشائع مناقشة ما إذا كانت الآلهة مخلوقات خارقة للطبيعة أم مجرّد انعكاس رمزي للاوعينا البشري. لم يكن الإلحاد موقفاً دينياً بل مجرّد وجهة نظر أخرى في النقاش الفلسفي.

ما ساعد الأديان القديمة على استيعاب شيء كالإلحاد هو أنها أديان عضوية ليست مقولبة في كتب مقدّس ولا أنبياء ورسل لها، ولم يكن لديها بالتالي مفهوم للكفر، أو حتى معايير للإيمان. معظم الأديان القديمة ليس لديها حتى اسماً لنفسها، ولم يكن لديها شروط لاعتبار الشخص مؤمناً او ملحداً.

كل ذلك تغيّر مع وصول الأديان الإبراهيمية، بدءاً باليهودية، ثم المسيحية والإسلام. الكاتب تيم ويتمارش يناقش هذا الأمر في كتابه “الصراع ضد الآلهة: الإلحاد في العالم القديم”، ويقول:

“انتهى عصر (التسامح مع) الإلحاد القديم لأن المجتمعات المتعدّدة الآلهة التي تسامحت معه استُبدلت بالجيوش الامبراطورية التوحيدية التي فرضت عبادة الإله الواحد مع تبنّي الدولة الرومانية رسمياً الديانة المسيحية في القرن الرابع، ومحاولتها استخدام الدين للحفاظ على تماسك الامبراطورية.[1]

خلافاً للحركات الفلسفية السائدة وقتها، اخترعت الأديان الابراهيمية شيئاً جديداً، أسماه الباحث الألماني جان أسمان بـ”التمييز الموسوي”، نسبة إلى النبي موسى الذي يعتبر أوّل من خرج بالفكرة. التمييز الموسوي هو بكل بساطة مفهوم الكفر: الأديان السماوية كانت أوّل دين في التاريخ اعتبر أنه هنالك دين صحيح ودين خاطىء، وآلهة خاطئة وإله صحيح واحد، وأن من يعبدون الآلهة الخطأ هم كفار وعلى ضلال ويجب التعاطي معهم على هذا الأساس.

الأديان الإبراهيمية إذاً، هي أولى الحركات الإلحادية المنظّمة في التاريخ، لأنها أولى الأديان التي رفضت بشكل مطلق الإيمان بالآلهة الأخرى، بل اعتبرت أن من يؤمن بها يستحق الموت – لهذه الدرجة بلغ تطرّفها الإلحادي. في الوقت نفسه، الأديان الإبراهيمية لم تتسامح إطلاقاً مع عدم الإيمان بإلهها – أي بالإلحاد الموجه صوبها. يمكن القول أن الأديان الإبراهيمية كانت مهووسة بفكرة الكفر والإلحاد، حتى أن كلمات مثل الكفر والضلالة ومشتقاتهما تتكرّر نحو 900 مرّة في القرآن مثلاً[2]، فيما معظم أسفار العهد القديم مليئة باللعنات الموجهة للكنعانيين الوثنيين.

الإلحاد هو بطريقة أو بأخرى فكرة جوهرية في قلب الأديان الإبراهيمية، فلا يوجد أديان إبراهيمية من دون إلحاد ولا يوجد إلحاد من دون أديان إبراهيمية، لكن إلحاد الأديان الإبراهيمية لا يتوقّف عند الإيمان بالآلهة، بل يذهب إلى رفض العالم نفسه كمكان حيّ، يقول آسمان:

“عالم الآلهة (في الأديان القديمة) لم يكن فكرة منفصلة عن الكون، البشرية، والمجتمع… عالم الآلهة شكل الكون وتم فهمه على أنه عمليات خلق وتناغم للقوى المنسجمة أو المتصارعة (في الكون)”. الوثنية هي الإيمان بقدسيّة الوجود: المقدّس لا يمكن فصله عن العالم”[3].

الخصم الحقيقي للتوحيد ليس الإيمان بتعدد الآلهة، وليس حتى الإلحاد، بل هو الإيمان بالعالم كمكان حيّ، الإيمان بوجود بُعد روحي ومعنى للعالم الذي أمامنا. المشروع الحقيقي للتوحيد هو مشروع نفي المقدّس من العالم. لهذا السبب تماماً، اعتقد أن الإلحاد الحديث الذي اكتفى برفض إله الأديان الابراهيمية لكنه اتبع فلسفتها برفض العالم كمكان حيّ، واعتباره الوجود مجرّد صدفة والعالم مجرّد صخرة والحياة مجرّد ظاهرة بيولوجية خالية من المعنى، لم يشكّل إجابة مضادة كافية للداء الذي جلبه موسى على البشرية.

تصوّر فنّي لمدينة اسكندرية القديمة حيث دارت العديد من النقاشات الفلسفية حول طبيعة الآلهة (مصدر الصورة من أساسن كريد أورجنز)

 *

كيف تطوّر الإلحاد حتى اليوم؟

للمفارقة، أولى بوادر التمرّد على الأديان الإبراهيمية حصلت في العالمين العربي والإسلامي بين القرن التاسع والثاني عشر ميلادي، Read the rest of this entry

العدد 5: ما بعد الإلحاد

ما بعد الإلحاد: نقاش يتجاوز ثنائيات التناقض

اسكندرية-415، العدد الخامس

*

مقدّمة العدد

*

معظم القراء الذي سيصادفون عنوان هذا العدد، سيطرحون بالتأكيد السؤال التالي: لماذا نتحدث عمّا بعد الالحاد ونحن لم نصل حتى لمرحلة مناقشة الالحاد بحرية في العالم العربي؟

قد يبدو للبعض أن نقاش من هذا النوع هو ترف فكري لا فائدة منه، لكن الإجابة هي في الحقيقة بسيطة: السطوة الهائلة للدين في العالم العربي تحتّم علينا مناقشة أكبر قدر ممكن من البدائل ومعالجة أزمة الفكر الديني من زوايا مختلفة، سواء كنّا نتحدّث عن الإلحاد أو غيره.

إحدى الأمور التي نفتقر إليها في النقاشات الفكرية في مجتمعاتنا العربية هي تلك التي تخرج عن ثنائية الإيمان والكفر، حيث أنه بالنسبة للمؤمنين والملحدين على السواء، لا يوجد سوى خياران فقط حين يتعلّق الأمر بمعتقداتنا الروحية. هذا لا يعني أن ما نريد أن نناقشه هنا هو حلول وسط بين الاثنين أو “خيار ثالث”، لأن الحلول الوسط والخيارات “الثالثة” بطبيعتها محدّدة بالثنائيات التي تحاول التوسّط بينها. ما نودّ مناقشته هو تجاوز هذه الثنائية تماماً وفتح أفق فكري وروحي أبعد من بساطة الإيمان أو عدم الإيمان بإله ابراهيم.

من تابع الأعداد السابقة من مدوّنة اسكندرية يعلم أنه هنالك وجوه عديدة للبعد الروحي لا تنحصر في الأديان السماوية ولا تنحصر حتى في الأديان، لكننا هذه المرة نريد أن نتعمّق قليلاً في الإلحاد نفسه وأن نطرح أسئلة أكبر حوله: هل الإلحاد كافي كإجابة فكرية وروحية معاصرة؟ هل هو مرحلة فكرية مؤقتة أم هو الإجابة النهائية؟ هل نجح الإلحاد أم فشل في تحقيق أهدافه؟

ما نتناوله إذاً لا يتعلق بالإيمان الشخصي ولا يشكّل دعوة للإيمان أو عدم الإيمان بشيء، بل هو نقاش فكري لا بدّ من خوضه في عالم لا تزال فيه عتمة الدين قوية، وفيما تشهد صفوف اللادينيين والملحدين في الوقت نفسه أسرع نسبة نموّ في التاريخ البشري.

وفقاً للإحصائيات المختلفة، يشكّل اللادينيون اليوم نحو 16% من سكّان العالم، ويشكّلون ثاني أكبر “دين” في العديد من البلدان. ليس لدينا احصائيات دقيقة من هذا النوع في العالم العربي لكننا لن نتفاجأ إن اكتشفنا أن عشرات الآلاف من المليار ومئتي مليون لاديني في العالم هم من بلدان عربية وإسلامية، حيث يبلغ الجنون الديني أسوأ صوره. الدراسات الإحصائية السابقة تقدّر عدد الملحدين في العالم العربي بأكثر من مليونين نسمة، لكن اعتقد أن العدد الحقيقي أعلى من ذلك.

لا شكّ أيضاً أن دولة الخلافة الإسلامية المزعومة “داعش”، كانت للمفارقة، إحدى أكبر الحركات في التاريخ التي ضاعفت أعداد الملحدين واللادينيين في العالم العربي. الاستبداد الديني في مجتمعاتنا يأخذ شكل الاستبداد الاجتماعي أكثر من كونه استبداد سياسي، ويجعل من الإلحاد في العديد من الأحيان ضرورة شخصية ومجتمعيّة في صراع التحرّر الفكري. رغم ذلك، هنالك سؤال دائماً ما يتبادر على ذهن من يتجاوز مرحلة الإلحاد، وهو: ماذا بعد؟

بالنسبة للبعض هذا السؤال غير ضروري، وبالنسبة لآخرين تكمن الإجابة في العلم والإنسانية، لكن بالنسبة لنا، الأهمية الكبرى تكمن في طرح السؤال نفسه – لا مانع أن يكون هنالك مئات الأجوبة عليه.

المهم أن يكون هنالك أجوبة لسؤال كهذا، أولاً لأنه هنالك الكثير من الأشياء الجميلة التي تستحقّ أن نفتح روحنا لها في هذا الكون، وثانياً لأن ترك هكذا سؤال من دون إجابة يعني السماح لموميائات الدين أن تقترح إجابات من جديد، وأن تعيد تحويل مجتمعاتنا إلى مقبرة كبيرة. الإلحاد يمثّل رفض للمقبرة، لكن علينا أن نفكّر بما يجب أن نعيش فيه من بعدها.

أتمنى أن تسمتعتوا وتستفيدوا من هذا العدد الجديد من مدوّنة اسكندرية بعد غياب دام لسنوات، ونتطلّع إلى تعليقاتكم ومشاركاتكم في هذا الموضوع المهم! سيتم تحديث القائمة أدناه بكافة المواضيع الجديدة عند نشرها.

 

فهرس العدد: