هل يمكن للصلاة أن تشفينا؟ (2\2)

يوغي هندوسي خلال الصلاة

(لقراءة الجزء الأول من المقال أنقر هنا)

________________________

التفسيرات المختلفة لتأثير الصلاة على الإنسان

بالإضافة إلى التفسيرات الدينية التقليدية التي تعتبر أن فعاليّة الصلاة تنبع من الإرادة أو التدخّل الإلهيين، ترتكز المقاربات العلميّة على تفسيرات تبدأ من علم الأعصاب وصولاً إلى التفاعلات الطاقوية الكهرومغناطيسية.

على مستوى نفسي، من المسلّم به أن الصلاة تساعد ممارسها على تخفيف التوتّر والقلق كما تساعده على التزوّد بالأمل والنظرة الإيجابية وتقوّي عزيمته على الحياة، مما يؤدي بدوره إلى تخفيض نسبة الإصابة بالأمراض النابعة من الإجهاد والتوتّر مثل الاكتئاب، الهوس المرضي، أمراض القلب والجلطات الدماغية والدموية، نقص المناعة، مرض باركينسون وحتى السرطان والعديد من الامراض الأخرى.

 التأثيرات البيولوجية للصلاة يمكن قراءتها أيضاً عبر علم الأعصاب؛ الدراسات على نشاط الدماغ خلال فترة الصلاة والتأمل تظهر أن اللذين يمارسون ذلك بشكل منتظم لديهم ضغط دم أكثر انخفاضاً، دقات قلب أكثر انتظاماً، مستويات منخفضة من القلق والاكتئاب، ذاكرة أنشط ومستويات عالية من التركيز، مقارنة مع اللذين لا يمارسون أيّ من الاثنين[1].

تفسير آخر لتأثير الطاقة هو ذاك الكهرومغناطيسي. من المعروف علمياً أن جميع البشر (كما كل شيء آخر خاصة الكائنات الحيّة) يولّدون كمّيات صغيرة جداً من الطاقة الكهرومغناطيسية ومتفاوتة بحسب النشاط الذهني والبيولوجي للإنسان، ويمكن ملاحظة هذه الطاقة والشعور بها بشكل خاص في منطقة راحة اليد. الدراسات في هذا المجال أظهرت أن معالجو الشفاء وفقاً لمدارس الطب البديل الطاقوية، “يبثّون” طاقة كهرومغناطيسية ثابتة بتردّد قدره 7.8  هيرتز، وهو نفس معدّل تردّد الحقل الكهرومغناطيسي للأرض. مؤيدو التفسير الكهرومغناطيسي يعتبرون أن كل تردّد له تأثير فيزيائي معيّن، وأن التردّد البالغ قدره 7.8  هيرتز يظهر قدرة شفائية مميّزة على كل الأجسام البيولوجية[2].

...

التفسير الكهرومغناطيسي مشابه لتفسير طاقوي آخر لكن من زاوية روحيّة أكثر؛ العديد من المدارس الروحية تعتبر أنه هنالك حقول طاقوي عديدة تنبع من الجسم البشري وتحيط به. الحقل الطاقوي البشري وفقاً لهذه المدارس مؤلف عادة من سبع طبقات متلاحقة تمثّل كل منها موجة طاقوية مختلفة؛ هذه الطاقة تتحرّك عبر سبع مراكز طاقوية في الجسم البشري تُدعى “شاكرا” “Chakras الموجودة على طول الجسم البشري مشكّلة ما يشبه أنبوباً للطاقة. هذه المراكز، تتلقّى طاقة الحياة من الخارج وتحوّلها إلى طاقة بيولوجية قابلة “للاستعمال”. وفقاً لهذا التفسير، أي انسداد في جريان الطاقة أو أي اختلال في التوازن الطاقوي للجسم، يتحوّل في نهاية المطاف إلى أمراض. معالجة الانسداد او الاختلال الطاقوي (لا الأمراض بحد ذاتها) يمكن أن يتم وفقاً لهذه المدارس عبر التأمل، الصلاة، وممارسات روحيّة أخرى. بعض الباحثين استطاعوا تصوير بعض أجسام الطاقة، وتحديداً “الأورا”، عبر استخدام تقنية تصوير “الكيريليان”. المعالج الفيزيائي الهندي، راميش شوهان، استخدم هذه التقنية لتشخيص الأمراض عبر قراءة الأنماط الطاقوية للمرضى؛ شوهان يزعم أنه تمكّن من خلال هذه التقنية من اكتشاف مؤشرات الأمراض في الجسم الطاقوي قبل ظهور عوارضها الفيزيائية الخارجية بعدّة أشهر[3].

قول الكلمة العلميّة النهائية حول التأثيرات الحقيقية للصلاة لا يزال مبكراً بعد، لكن العلم في هذه الحالة ربّما يقترب من مرحلة تبرهن صحّة المقولات الروحية القديمة التي اعتبرت أن الصلاة، التأمّل، وقوّة العقل البشري يمكن أن تؤثر على القوى العاملة في الكون وعلى نسيج الواقع الفيزيائي. في هذه الحالة، الصلاة لا تشفي الكائنات الحيّة فحسب، بل قد يكون لها القدرة على شفاء وترميم منظومة الوجود نفسها.


[1] Dr. Andwre Newberg, Interviewed with Barbra Bradley Hagerty. “Prayer May Re-Shape Your Brain”, Interview with National Public Radio, 2009, http://www.npr.org/templates/story/story.php?storyID=104310443.

[2] See: Dr. Walter Weston, How Prayer Heals , Hampton roads publishing, Canada 1998.

[3] Dr. Laurance Johnston, The Science of Prayer and Healing Relevance to Physical Disability, three parts article published in March, May, & June 1999 issues of Paraplegia News.

______________________________________

*

يمكن العودة إلى فهرس العدد الثاني على هذا الرابط: الذهن على المادّة، القدرات الخفيّة للإنسان

*

Posted on أوت 16, 2011, in مقالات علميّة and tagged , , , , , . Bookmark the permalink. 2 تعليقان.

  1. تحياتي طوني.
    شكرا على هذه المقالة في جزئين.
    هلأ هون الأمور وضحت أكثر في هذا الجزء، و لذلك أستطيع أن أقول أنني أرى، في المطلق، علاقة ما بين الصلاة و الراحة النفسية و المساعدة على الشفاء. الموضوع مشوّق لأنه، كما عدد آخر من العلوم المتقدمة، ما زالت معرفتنا فيه ضئيلة جدًا.
    عندي ملاحظة حول مفهوم الصلاة. أنت هنا تحدثت عنها بشكلها الديني أو الروحي العام (دعاء، تأمل، ترديد تلاوات، الخ..)، و لكن أرى أن الدور الديني ليس سوى “غطاء” للتفاعلات التي تساهم في الشفاء.
    أقصد أن أي نوع من أنواع الكلام و التفكير الإيجابي و الذي يحمل فيه تشجيع على مقاومة المرض و الصمود و التفائل بالمستقبل، و أن الفرد ليس وحده في مواجهة الأمراض (و الكون بشكل أوسع)… ستؤدي إلى نتيجة مشابهة.
    الدور الروحي للصلاة تفترض وجود روح و تعريف لهذا الروح… أما إذا أخذنا أن الإنسان هو “آلة” تتشكل من مكونات و خوارزميات، فإن التأمل النفسي و الصلوات ستكون في نهاية الأمر تفاعل لمكونات الجسد قد تؤدي إلى دور ما في عملية الشفاء.
    الشق الروحي يستوجب موضوع آخر للحديث… لنا عودة من جديد حوله.
    شكرا من جديد على الموضوع.

    • مراحب عادل،

      نعم بأحيان كثيرة الشكل الديني هو نوع من غطاء فطري أوّلي للتفاعلات المعقّدة التي تحصل في الجسم البشري. كرمال هيك التفكير الإيجابي له تقريباً نفس الوقع على الصحّة.
      بالنسبة للروح وكون الإنسان “آلة” فهيدا اختلاف قديم بيناتنا :p بيستوجب أحاديث كتير بعد
      تحياتي صديقي

أضف تعليق