“حقل النقطة صفر” Zero point Field

...

“حقل النقطة صفر”: المرتكزات النظريّة لعلم الوعي

طوني صغبيني

الأبحاث التي تدرس الوعي البشري تُسمّى عادة بالانكليزية Noetic Science، الترجمة العربية الأقرب لتلك الكلمة قد تكون “علم الوعي” أو “علم المعرفة الداخلية” بما أن الكلمة اليونانية الأصلية Noetic تعني “الحدس” أو “المعرفة الداخلية”. هذا النوع من الأبحاث ينطلق من افتراض أن الذهن قادر، بمفرده، على التأثير على العالم الفيزيائي المادّي وعلى الحصول على معلومات خارجية عبر “حواس” أخرى غير الحواس البيولوجية الخمسة.

الفرضيات التي ينطلق منها “علم الوعي” تتناغم مع العديد من نظريات فيزياء الكوانتوم التي تدرس الوجود على المستوى ما-دون-الذرّي. فيزيائيو الكوانتوم خرجوا منذ عشر سنوات حتى اليوم بالعديد من النظريات التي تستطيع قلب نظرتنا إلى العالم رأساً على عقب. وبما أنه لا يوجد مجال هنا للتوسّع في نظريات الكوانتوم، نورد في ما يلي أهم خلاصاتها بتعابير مبسّطة قدر المستطاع. تقول خلاصات نظريات الكوانتوم ما يلي:

–  المادة على المستويات ما-دون-الذرّية ليست في الواقع “مادّة”؛ أقرب وصف لها هو أنها “موجة”، أو “وتر” إن كنّا من مؤيدي نظرية الأوتار الفائقة.

–  المادة وفقاً لنظرية الكوانتوم، ليست ثابتة، فهي تتغيّر باستمرار على المستوى الكوانتومي (ما-دون-الذرّي) وتتغيّر ذبذباتها باستمرار.

–  بعض المكوّنات المادّية على المستوى الـ ما-دون-الذرّي يمكن أن تخلق من “العدم”، كما يمكن نظرياً لهذه المكونات أن تختفي كما ظهرت.

–  وفقاً للافتراضين الأخيرين، يمكن للمادة، قبل ظهورها كمادة، أن تكون موجودة “كإمكانية صافية” موجود في “عقل الحقل الكوانتومي” (المزيد حول هذا الأمر في الأسفل).

–  المادة نفسها، يمكن أن تكون موجودة في مكانين وزمانين مختلفين في الوقت نفسه[1].

–  المادة على المستوى الكوني، والتي تبدو كأنها مجموعات منفصلة من الأجرام، هي متشابكة ومترابطة في الواقع[2].

–  على المستوى الكوانتومي ما-دون-الذرّي. الحالة الكميّة (الكوانتومية لتسهيل اللغة) لأي شيء أو أي منظومة قد تكون مرتبطة أو قابلة للتأثر أو التأثير على، شيء أو منظومة أخرى، حتى ولو لم يكن هذان الشيئان-المنظومتان تمتلكان أي رابط مادي وفقاً للفيزياء التقليدية.

حسناً، الجمل السابقة قد تكون معقّدة قليلاً، فلنحاول أن نبسّطها سوية.

...

الاكتشاف الأهم في حقل الكوانتوم يتمثّل في تعليمنا أن الحدود بين المادة والطاقة هي أرقّ بكثير مما كنا نعتقد سابقاً، فلا يوجد شيء في الوجود “مادّي” فقط؛ كل شيء في الكون يتألف من نفس المكوّنات الصغيرة، التي تشكّل أجسام مادية مختلفة بحسب اختلاف ذبذباتها وموجاتها وتفاعلاتها على المستوى ما-دون-الذرّي. كل القوانين التي كنا نعتقد أنها تحكم المادة في الفيزياء التقليدية لا تنفعنا كثيراً على المستوى ما-دون الذرّي الذي يشكّل أساس كل العالم المادّي. بعض النتائج العامّة لنظريات الكوانتوم تتمثّل بثلاث أمور:

–  كل الوجود مكوّن على المستوى ما دون-الكمّي من نفس الجوهر\الطبيعة[3]: الاسم العلمي لهذا الجوهر الفائق الصغر هو “الوتر” String. هذا يعني أن الإنسان والشجرة والنجمة البعيدة هم من نفس الجوهر الذي يكوّن كل شيء وكل الكون.

–  إن قلب الوجود، على المستوى ما-دون الكمّي، هو منظّم، مترابط ومتشابك، يؤثر ويتأثر ببعضه بعضاً على مستويات أكثر جوهرية بكثير مما كنّا نعتقد سابقاً (هذا ما يفسّر قدرة ذرات بعيدة على التأثير على ذرّات أخرى في مكان آخر من دون رابط مادي مرئي بينهما)[4].

–  هذا الجوهر الموحّد للوجود، المترابط ببعضه البعض، يعني أنه هنالك على المستويات ما-دون-دون-الذرّية (أبعد بعد من المستوى الكوانتومي) حقل موحّد تحصل فيه كل عمليات التبادل الطاقوي والترابط بين الذرات، ونحن نتحدّث هنا عن كل العمليّات التي تحصل في الوجود من التبادل البسيط لشحنات الكهرباء بين الأنوية وصولاً إلى كل عمليات “خلق” و”موت” للمادة (مثل ولادة نجمة، أو حتى إنسان). هذا الحقل، الذي ينبع منه الوجود، هو حقل خلّاق بالضرورة، موحّد، لانهائي وموجود في خلفيّة كل شيء من دون أي استثناء على الإطلاق، بالتعابير “الدينية”، إنه بالفعل حقل كلّي القدرة وكلّي الوجود. بعض الفيزيائيين يصفونه بأنه “حقل ذكي” أو “حقل واعي” لأنه ينتج كل القوانين التي تنظّم وتسيّر الكون. أب نظريات الكوانتوم، الفيزيائي ماكس بلانك (1858 – 1947) يقول:

“كل المادة تنبع من، وتُوجد، بفضل قوّة. علينا أن نفترض أنه وراء هذه القوّة هنالك عقل واعي وذكي. هذا العقل هو نسيج (ماتريكس) كل المادّة”.

الاستدلالات الميتافيزيقية من نظريات الكوانتوم تكاد تكون صارخة: إنها تشير بطريقة أو بأخرى، إلى أن الكون موحّد ومنظّم ومتشابك عبر جوهر خلّاق موجود في كلّ شيء. هذه الخلاصة قريبة جداً من عقيدة مدارس الحكمة القديمة والأديان التي تندرج ضمن إطار وحدة الوجود، والتي كانت تعتبر، بالإضافة إلى أن “الواحد هو الكلّ والكلّ هو واحد”، أن “المقدّس” (أو الجوهر الخلّاق – أو الله وفقاً للمدارس الصوفية) موجود في الجميع، في كلّ شيء، وفي كل الكون.

فلنعد إلى حديثنا الأوّل عن عن المنطلقات العلمية للأبحاث في علم الوعي. علم الوعي يذهب خطوة أبعد من فيزياء الكوانتوم ليقول أن “الأفكار والنوايا البشرية” هي شكل من أشكال الطاقة المرهفة التي تتبادل التأثير مع هذا الحقل ومع أشكال الطاقة الأخرى وفقاً لقوانين الترابط والتشابك الكوانتومي.

علم الوعي يرى بأن كل شعور، كل فكرة أو نيّة، كما كل شيء آخر في الكون، يحمل تردداً معيناً (ذبذبة أو Frequency) بحسب طبيعتها؛ بالتالي شعور الحبّ، أو التفكير بالسلام مثلاً، وفقاً لعلم الوعي، يولّد كلّ منهما تردّدات مختلفة ويكون لهما تأثيرات مختلفة على المستوى ما-دون-الكمّي. التأثيرات على المستوى ما-دون-الكمّي  تُترجم بدورها إلى نتائج ملموسة على المستوى المادّي. خلاصة علم الوعي تقول بأن مشاعرنا وأفكارنا تؤثر في نهاية المطاف على العالم الفيزيائي عبر “الوسيط” الكوانتومي[5].

مؤلفة كتاب “تجربة النيّة” لين ماك تاغارت تشرح افتراضات علم الوعي بالقول أن “ذرّاتنا تتبادل الطاقة بشكل دائم مع حقل طاقة كوانتومي هائل نُطلق عليه اسم حقل النقطة صفر Zero point field”. بعدها تشرح بأن الوعي يؤثر على هذا الحقل: “المكوّن الأساسي في خلق الكون هو الوعي الذي يشاهده”. وتتابع:

“لدينا بعض الأدلة العلميّة التي تقول بأن الوعي هو طاقة عالية الدقّة مع القدرة على تغيير المادة الفيزيائية. إرسال فكرة مركّزة يولّد قدر محسوس من الطاقة. خلال التجارب (التي قامت بها في مختبرات جامعية مرموقة)، حين يرسل شخص ما نيّة معيّنة إلى شخص آخر، العديد من الجوانب في جسد الشخص المتلقّي يتم تفعيلها، كأنه يستقبل صدمة كهربائية صغيرة”[6].

علم الوعي يقوم إذاً على افتراض أن البشر، يملكون من خلال مشاعرهم وأفكارهم ونواياهم، القدرة على المشاركة في خلق (أو تدمير) الكون بالمعنى المادي المباشر. من هذا المنظور، إن وعينا هو بالفعل بوّابتنا نحو آفاق ودروب لم نتخيّلها من قبل. لكن، هل يوجد أدلة علميّة ملموسة أكثر حول هذه المقولات “الجامحة”؟ هذا ما سنتناوله في الحلقة المقبلة.


[1]  وفقاً لنظرية Superposition أو “الأكوان المتوازية”.

[2]  هذا يظهر بشكل خاص في نظرية “التشابك الكوانتومي” Quantum Entanglement

[3]  وفقاً لنظرية الأوتار Strings Theory.

[4] وفقاً لنظرية حقل الكوانتوم Perturbative quantum field theory، “القوى الطبيعية” تنتقل بين الذرات المادية (وتحديداً بين نوايا الكواركز واللبتون)، عبر نوع غير مادي من الذرّات الحاملة للقوى معروف بـ gauge bosons.

[5]  وفقاً لعلم الوعي، كل فكرة تخلق التأثير الذي يتماثل مع “موجتها” الخاصة، أفكار ومشاعر الغضب والحقد مثلاً تؤدي إلى نتائج مادّية تدميرية تعزّز الغضب والحقد مثل الحروب والانهيارات، الأمر نفسه بالنسبة للمشاعر والأفكار الأخرى. لهذا السبب تشدّد الحكمة القديمة على “الذهن والقلب النقي”.

[6]  لين ماك تاغارت، كتاب تجربة النوايا، مترجم مباشرة عن الإنكليزية.

________________________________________

العودة إلى فهرس العدد الثاني: الذهن على المادة، القدرات الخفيّة للإنسان

________________________________________

Posted on جويلية 11, 2011, in مفاهيم and tagged , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , . Bookmark the permalink. 11 تعليق.

  1. المقال كتير حلو طوني، وكتير مفيد، ومرتّب، ومبسّط، وواضح وممتع. بدون ولا نتوفة مبالغة.
    انبسطت وأنا عم بقراه.

    شو حلو نكتشف إنو إيماناتنا الزغيرة اللي عايشة معنا يوم يوم، بتندرج تحت نظرية علمية مهمة وكبيرة.
    وأنا عم بقرا تذكّرت إنو متلا لما منسقي الزريعة، لازم نسقيها بحبّ كبير، مشان تكبر أكتر، لإنو مش لحالها الميّ بتكبّرها. ولما الأمهات بيقولو الطبيخ اللي بينعمل بنفس حلوة، طعمتو أطيب، حتى لو الطبّاخة مش شاطرة كتير، لإنو في إشي تاني بينضاف للطعم الأساسي تبع الأكل. ولما الدكتور اللي بيكتبلنا الروشيتة بيكون حنون وبيشتغل من قلبو منطيب عالدّوا أسرع من روشيتة دكتور ناشف، حتى لو كان الدّوا ذاتو ..
    يمكن أنا بسّطت الأمور أكتر ما هي بسيطة بكتير! ويمكن عم بحوّل النظرية لشعبية 😀 بس هيي هاي الإشيا اللي خطرتلي وأنا عم بقرا، فقلت بكتبها هون بالمدوّنة :$

    تعطيك العافية طنطون.

    • عبير تعليقك متل ما بيقولو صاب الهدف مباشرة 😀
      التطبيقات اللي حكيتي عنها هيي الاشيا اللي منعملها بالفطرة ومنعرف تأثيرها من دون الحاجة لنظريات علمية، واللي هيي تطبيق لهالحقيقة الأكبر الموجودة بكل الوجود.
      يعافيكي 🙂

  2. عزيزي طوني

    استمتعت حقاً بالحياد العلمي الذي أراه. علاوة على أني كنت قد كونت فكرة تقريبية بين ما هو (أسطوري) وما هو (علمي)، مفادها أن العقل والتفكير جزء من الوعي وليس العقل سوى مظهر وتفسير حديث جدا على تاريخ الوعي البشري، وكقراءة لا بأس بها لمكونات الأساطير الأساسية، نجد هنالك إلماحاً للعلمية وهذا الإلماح سببه أن الأسطورة تعي شروط استمراريتها، وأيضا الموضوعة الفنية، هذا الطرح القديم جدا تنعشه العلمية الحديثة بشكل أو بآخر، وليس في وضع النقيض بل في وضع التوازي والتقارب.

    سأتابغكم

    مودتي

    • ثامر العزيز،
      انبسطت بمرورك هون. الجملة المفتاح التي قلتها في تعليقك تختصر كل الفكرة، العقل والتفكير هما جزء من الوعي لا العكس، الوعي يسبق كل شيء.
      شاركنا دائماً بإضافاتك صديقي : )
      تحياتي

  3. Great article! I enjoyed it greatly!
    Just one question about this part: “يفسّر قدرة ذرات بعيدة على التأثير على ذرّات أخرى في مكان آخر من دون رابط مادي مرئي بينهما)”

    How can this happen ? Any examples?

    • By many ways but it’s too lengthy to talk about it in a comment, i suggest you read about the main theory that explains it called Quantum Entanglement. In short, it says that if two particles interact, they’ll be quantumly entangled in a way that when they ‘disconnect’ they’ll take complementary measures at any given time and space.

      Also the Quantum field theory and its alternative theory, supersymetry might also explain this.
      But keep in mind that my quantum knowledge is humble, you might find other stuff that explain it

  4. لأول مرة أعبر بمدونتك، و كان عبوري في هذا المقال، و لأهمية الحديث به شعرت وجوب ذكر ما تسعفني إياه معرفتي، و اتمنى أن يكون صدرك متسعاً لتعليقي،..

    بداية، لا يوجد نوع من الأبحاث العلمية يندرج تحت أسم Noetic Science، فهذا الفرع ليس سوى أبحاث فلسفية ميتافيزيقية شاعت مؤخراً بين نوعية معينة من الكتاب عن الوعي و كتبهم التي سأشير لطابعها تدريجياً بتعليقي (1)، ثانياً، لا يمكن للمادة أن تخلق من العدم، و لا يمكن للمادة أن تختفي، فهذا ينافي قانون حفظ الطاقة و هو مازال إلى اليوم أحد أعظم أعمدة الفيزياء و بدونه تنهار العديد جداً من النظريات و أولها نظرية الكم، طاقة الكون ثابتة بالنسبة لكل مشاهد أو راصد، لا تزيد و لا تقل و لو بمقدار جسيم واحد، أما عن ظاهرة الـ Casimir Effect (2) و الجسيمات الإفتراضية (3) التي تظهر و تختفي طوال الوقت في الفراغ، فهي مجرد تقلبات كمومية في حقول الكم تنبع من مبدأ عدم اليقين و لا يمكن لأي جسيم إفتراضي أن يستمر بالتواجد كما لا يمكن لأي جسيم حقيقي أن يتلاشى إلى العدم.

    الفقرات التالية بالمقال فلسفية و يسعدني نقاشها إن رغبت، لكن لنأتي للفكرة الأهم التي يدور حولها المقال، و هي قدرة الوعي على التأثير على المادة الفيزيائية، لنبدأ بالمشاعر و الأفكار و النوايا، تلك الأمور ليست حقيقية، أعني أنها ليست كالجسيمات، فلا هي تملك ذبذبة و لا تردداً، فهي اشبه بالـ”أفكار” العابرة في الحاسوب، ليست سوى نبضات كهربية، الأفكار و المشاعر ليست سوى نبضات كهربية في أمخاخنا، و لا يمكن لها أن تخرج أبداً عن نطاق مخنا لأنها ليست كالجسيمات، لهذا لا يوجد لها أي تأثير على العالم الفيزيائي بخارج أجسادنا سوى التأثير الذي تفعله في ذواتنا و بالتالي تأثيرها في قرارتنا و ما شابه، لكن لا يوجد لها “طاقة” ما، إيجابية حيناً و سلبية حيناً، تدفع المادة الفيزيائية لإتجاه أو لآخر، لا يوجد مثل هذا، كما أن بالفيزياء لا يوجد أي تفريق بين ما نعتبره كبشر أموراً إيجابية و أموراً سلبية، فكلها أمام الفيزياء مجرد جسيمات تتحرك و تتفاعل، و لا توجد أي قوانين تفرق بين تفاعل جسيمات ناتج عن حدوث خير و تفاعل جسيمات ناتج عن حدوث شر.

    يصل بنا هذا لنوعية الكتب المماثلة لكتاب تجربة النية و The Secret و عشرات الكتب الأخرى التي تتحدث عن نظريات تختلف ظاهرياً و لكن تتطابق جوهرياً و يمكن تسميتها إجمالاً بالنظريات الروحانية لميكانيكا الكم، يتشارك كتاب تلك الكتب في أن جميعهم غير متخصصين في الفيزياء و لم يدرسوها بالأساس، و أقول هذا رغم عدم إطلاعي بالتأكيد على جميع تلك الكتب، لأني اطلعت على ما يكفي منها لقول ذلك بكل ثقة، فتخصصاتهم تكون ما بين الفلسفة و الدراسات الروحانية أو الدينية، و أحياناً مجرد الكتابة، بينما تتشارك تلك الكتب في أنها مشوهة للعلم، محملة بالأفكار المغلوطة تماماً، المستنكرة بشدة من الوسط العلمي، المرفوضة، الأقرب منها للحديث عن الأشباح و الأطباق الطائرة و القدرات الخارقة منها للحديث العلمي الصحيح، و يحدث أن تستخدم تلك الكتب مصطلحات مثيرة للإهتمام كثيراً ما يكون قد أخترعها صاحب الكتاب، و يحدث في أحيان أخرى أن تستخدم مصطلحات علمية صحيحة لكن بمعنى مخالف تماماً لمعناها العلمي، فلا يوجد حقل في أي نظرية علمية يسمى حقل نقطة الصفر (4) و إنما يطلق ذلك المصطلح على أي حقل كمومي حين يكون فارغ من الطاقة في مكان ما، أي أن طاقته في ذلك المكان صفر، و بالتأكيد تمتليء تلك الكتب بجمل كالإقتباس الأخير الذي يذكر وجود أدلة علمية على أن الوعي .. إلخ، و أن تلك الأدلة جاءت من مختبرات جامعية مرموقة و .. إلخ، و كما ذكرت بالأعلى بثقة، أذكر بذات الثقة هنا عدم وجود دليل علمي فضلاً عن “أدلة” على نظريتها، كما أنه لم يتم إجراء أي دراسات من النوعية المذكورة، و السبب ببساطة هو أن العلماء مازالوا يحاولون فهم طبيعة الوعي، نحن البشر لا نملك أي فكرة عن ماهية الوعي، لا نعرف أين يحدث، لا نعرف كيفية قياسه، و إرسال “نية” من شخص لآخر ؟، كما ذكرت، تمنع قوانين ميكانيكا الكم خروج الأفكار و المشاعر عن أمخاخنا في صورة إرسال لاسلكي ما، فالمخ ليس محطة إرسال و لا يحمل وسائل إستقبال، و قد استكملت القراءة في المقالات الأخرى للعثور على الأدلة التي تزعمها الكاتبة، و لم أجد لتلك الأدلة والدراسات أي مصدر موثوق، فلا يوجد أي مصدر جامعي يحملها، و لا توجد أي أوراق علمية تناقشها، و لا وجود لها سوى على موقع الكاتبة، و هذا كما تعلم يخالف التقاليد العلمية فكل التجارب التي تحوي أي أهمية تذكر تكون موثقة في مصادر علمية موثوقة و تحمل تفصيل كامل للعلماء خلفها و الوسائل المتبعة و غير ذلك، و هو ما لا تجده في الدراسات التي أستطيع هنا أن أصفها بالمزيفة الموجودة في موقعها، لذا يمكننا أن نعتبر أن Mark Henderson صدق في وصفه للكاتبة بأنها ليست سوى كاتبة Pseudoscience (5) تركز على فهمها الذاتي و المغلوط لفيزياء الكم كما هو مذكور في صفحة ويكيبيديا عنها، فهي تقدم إعتقاداتها الخاصة على أنها علم مؤكد رغم أن نفس تلك الإعتقادات مرفوضة علمياً تماماً و كثيراً ما تحدث كبار علماء الفيزياء و خاصة المتخصصين في الكم بلهجة محذرة من مثل تلك الكتب و هؤلاء الكتاب الذين يأخذون القاريء غير المتخصص إلى التصديق في أمور خرافية و أفكار مشوهة بأسم العلم.

    النقاط المرقمة:
    http://en.wikipedia.org/wiki/Noetic_theory
    http://en.wikipedia.org/wiki/Casimir_effect
    http://en.wikipedia.org/wiki/Virtual_particle
    http://en.wikipedia.org/wiki/Vacuum_state
    http://en.wikipedia.org/wiki/Pseudoscience

  5. استاذ يحيا اعتقد ان العلوم ما وصلت حد النهاية بعد وما اكتشفت اسرار العقل وما ورائه هذا لا يعني انها غير موجودة خصوصا ان معظمنا يعيشها يوميا”

  1. التنبيهات: العدد 2: الذهن على المادّة (Mind-over-Matter): القدرات الخفية للإنسان « Alexandria 415

  2. التنبيهات: “قانون التجاذب”: نقد روحي وعملي (جزء 1)* « Alexandria 415

  3. التنبيهات: السحر: الحقيقة حول أقدم فنون البشر « Alexandria 415

أضف تعليق